شرٌ للضُعفاء والمساكين .
بعد رحلة طويلة جدًا من أقصى الكرة الأرضية، وبعد وصولها للقدس سارعت خطاها لقاعة المحكمة وحرصت "حنّة" على الجلوس في الصفوف الأمامية حتى ترى المشهد بشكل واضح، رغم أنها ستشهد محاكمة سجين عاجز وكسير، الّا أنها كانت مرعوبة وقلقة، فبعد لحظات معدودة ستكون في حضرة الشر المستطير، تصورت حنّة رجلًا بملامح حادة، خشم معقوف ونظرات تكاد تمتص الحياة من كل شيءٍ تقع عليه، ابتسامة صفراء لا مبالية وساخرة .. لكن ما حدث كان صادم فعلًا وفوق توقعات المسكينة، رأت موظفًا بليدًا كأنه لا يعرف ما الذي أتى به للمحكمة، بلا جاذبية وعلى عكس ما تصورته، كان ممل، بل كان شريرًا تافهًا على حد وصفها ! آيخمان : رجل الرايخ الثالث الذي علم حنّة آرنت كل شيء : مع تصاعد وتعاظم حدة الخطاب النازي العنصري تجاه بقية الأعراق وتحديدًا تجاه اليهود، ومع موجة احتقان شعبي غاضبة تجاههم، اقترح رئيس جهاز البوليس السري "الجيستابو" آدولف آيخمان على زعيم الأمة هتلر خطة لعلاج صداع اليهود المزمن، أسماها بـ الحل الأخير، وهي تقتضي بجمع وترحيل اليهود لمخيمات اعتقال ضخمة ثم تصفيتهم لاحقًا، مثل مخيم أوشفيتز الشهير، والتي عرفت لاحق...