لماذا نتخيّل؟
"وأظلُّ أَرسِمُ بالخيالِ عوالِمي،
ما حيلةُ المضطَرِّ غيرُ خيالِهِ؟"
للدكتور فوّاز اللعبون .
في جميع التجارب البشرية السابقة واللاحقة ، كان ولا زال وسيظل الخيال البشري جزءاً لا يتجزأ منها ، وهو شريك في فرضية تفسيرها ، الخيال مسرح أحداث للحدث نفسه ، ولرسم احتمالاته .
يعرّف الإنسان دوماً بأنه عاقل وعقله هو صفة التميز فيه عن ما سواه من المخلوقات ، لكن بين العاقل وأبناء جنسه ، تتم عملية تمايزهم وتباينهم عن طريق مقدرتهم على الإبداع ، الإبداع بكل شيء .
أن يبدعوا أفكار، أو حلول ، أو حتى طريقة جديدة للطبخ .. مهما كان ، الإنسان لابد أن يبدع شيئاً لأن هذا سبب بقاءه حياً -بعد مشيئة الله سبحانه- يرث الأرض حتى ساعة كتابة هذا المقال وهذا سبب استمراره سيداً لهذا الكوكب .
ولعل مطبخ الإبداع إن صح التعبير هو المخيّلة البشرية وقدرتها على استخدام ذاكرتك الحسية في خلق عالم خصب للتفكير .
تعريفه هو : قُوَّة باطنيَّة نتصوَّر بها الأشياء ونتمثَّلها، وهي قادرة على الخَلْق والابتكار.
هذا التعريف يحصر الخيال في كونه قوّة ، لا بل الخيال هو "القوة" . حتى في عمليات الدماغ البشري مثل الذاكرة والإستنتاج ، يحتفظ الخيال بنصيب الأسد من التعقيد والإبداع وأحياناً الجنون ! الجنون الذي إن عرف الإنسان التماشي معه لا محاولة ضبطه قد ينتج عنه صنع معجزات ، و بـ"معجزات" أعني ما يخترق العادة ويكون فوق مستوى التوقع ..
مثل معجزة الأمريكي جورج هول ..
جورج كان جندي أمريكي في فييتنام تم أسره على يد قوات الفييت كونغ الشمالية الشيوعية ، قرووا تعذيبه عقلياً ونفسياً من خلال وضعه بصندوق مغلق الإحكام وشديد الظلمة تماماً إلّا من ثقوب صغيرة للهواء والطعام .
في الظروف الطبيعية كان جورج ليفقد عقله ويجن جنونه بعد فترة بسيطة ، لكنّهُ رفض الاستسلام وبدلاً من ذلك رسم بمخيلته نقيضاً مغايراً لواقعه تماماً .. تخيل مسطحاً أخضر واسع على مد البصر ، وتخيل المسكين الذي كان يقبع في صندوق صغير أنّه يمارس رياضة الغولف ..
قدرة الخيال تتلخص في أنّه ولسبع سنوات متتالية في الأسْر حافظ على اتزان قدرات جورج العقلية ،
والمثير للدهشة بعد تحريره بأسبوع واحد فقط شارك في بطولة للغولف على مستوى الولايات وحصل على المركز الأول ، والمثير للجنون أن جورج لم يلمس في حياته مضرب غولف واحد !
وكأنه يؤكد على مقولة جو برنارد شو "الخيال هو بداية الإبداع، إنك تتخيل ما ترغب فيه، وترغب فيما تتخيله، وأخيرا تصنع ما ترغب فيه"
جورج هول صنع معجزته الخاصة به ، ولم يفعل سوى تغذية عقله اللاواعي "الباطن" بالصور الإيجابية ، وبتخيلات سعيدة عكس عالمه الواقعي المحسوس لأن عقل الإنسان الباطن لا يفرق بين المدخلات سواء التي ترى بالعين أو يتم تخيلها ، كلها معطيات .
تخيل تأثير هالمعلومة على واقعك ؟ كيف تستغلها ؟ الخيال اعظم هبة إلهية بعد الحياة .. الخيال هو الشي الوحيد الحر فيك ، بأي خطوة بحياتك يمكنك رسمها قبل أن تبدأ بمخيلتك .
وكيف تتوقع أن تنتج حلولاً لمشاكلك إن كان مركز تفكيرك غير قادر على الرؤية بوضوح ؟ الإنسان نتاج خياله لا العكس ..
هل تتذكر أشد ذكرياتك ظُلمة؟ وأسوأ تجاربك؟ وكل احباطاتك ولحضات خذلانك؟ لعل الحل المادي للمشاكل يختلف من انسان لآخر بحسب عوامل عديدة ، لكن العامل المشترك أن الحل المعنوي كان دائماً يتمحور حول خيالك ، وبفضله ، إمّا بمحاولة تجسيدك لذكرى معينة سعيدة أو تخيلك لسيناريو ينتهي بشكل وردي جميل ، حتى ولو كان وهماً .. يبقى حل معنوي .
عملية التخيل هي عين عقلك ، وهي ذكريات حواسك كلها .. هي مصنع الأفكار السعيدة "إن شاء الشخص" وهي قارب نجاته .
لماذا نتخيل اذا أردنا انجاح شي ء مادي محسوس؟ لأن بتخيلك قد رسمت مختلف السيناريوهات وألممت بكل التفاصيل .. قللت نسب الفشل ورفعت نسب النجاح .
ولعل الصورة المثالية الكاملة للخيال "برأيي" هي عندما تنجح في جعله ملجأك من العثرات الحياتية كبيرها او صغيرها ، وتروض مخيلتك بما يسمح أن تبدو كجنتك الخاصة ومملكتك المحصنة ضد كل ما يهدد سلامة افكارك .. علاجك الفعال .
"ماذا يصنع اعدائي بي؟ جنتي وبستاني في صدري"
ابن تيمية.
- من قضى حياته يتخيل أجمل لحضاته ، أطلس .
تختصر الموضوع بطريقة كاملة يعني الموضوع كامل قدامي لكنة مختصر! تملك موهبة يا أطلس استمتع جداً وانا اقرأ استمر بهذا الاسلوب ..كل التقدير والاحترام
ردحذفأخجلت تواضعي .. وطريقتي في الكتابة وإيصال الفكرة وان كانت متواضعة إلّا أنها تكتمل بفهم أمثالك، كل التقدير
حذفاي موهبة ♥️
ردحذف